لعل من أعظم المخلوقات هو الإنسان، وبالذات مخ الإنسان، فهذا المخ يزن حوالى 4.1 كجم أو ما يعادل 2-5.2% من وزن الجسم متفوقاً بذلك على سائر المخلوقات، وكأنه عالم عجيب قائم بذاته، ويحتوي مخ الإنسان على خلايا عصبية تضاهي فى عددها عدد النجوم فى درب اللبانة (100 مليار خلية عصبية).
قطعة صغيرة من مخك في حجم حبة الرمل تحتوي على آلاف النيورونات (الخلايا العصبية) وملايين المشابك جميعها تتواصل أو تتحدث مع بعضها البعض. والنيورونات عبارة عن خلايا عنكبوتية الشكل ذات زوائد أو تغصنات Dendrites ولها محاور تنطلق عبرها إشارات كهربائية جيئة وذهاباً على مدار الساعة طوال حياة الإنسان دون كلل أو ملل. ويوجد منها أشكال عديدة، الكبير والصغير.. السميك والرفيع والمستدير.. الخ، ولكن مهما اختلف شكلها فوظيفتها واحدة ألا وهي ارسال واستقبال الاشارات الكهربائية والكيمياوية.
النيورونات خلايا فى غاية النشاط والازدحام، حيث يستقبل الواحد منها اشارات من 100 ألف نيورون آخر وكل منهما يطلق آلاف الاشارات فى الثانية الواحدة، تصل إلى النيورونات المجاورة خلال المشابك العصبية التي تمتلئ بمئات الآلاف من الموصلات العصبية.
ومن بين كل 10 خلايا فى المخ يوجد 9 منهما تقوم بوظيفة دعامية وتسمى نيوروجليا يوجد حوالي تريليون خلية من هذا النوع. والنيوروجليا تقوم بخدمات كثيرة، فمنها ما يقوم بتكوين الميلين الذي يعمل كطبقة عازلة وفى الوقت نفسه يزيد من سرعة انتقال الاشارات عبر المحاور العصبية، ومنها ما يساعد الخلايا على الشفاء من الأضرار التى قد تلحق بها ومنها ما يعمل كحاجز لمنع دخول السموم إلى المخ، والبعض الآخر يساعد فى عمل المشابك العصبية التي تنتقل عبرها الاشارات كيماوياً.
إن مخ الإنسان هو الذي يجعله يرى ويميز الألوان ويجعله يسمع ويفرق بين الأصوات والذبذبات المختلفة ويجعله يشم ويفرق بين أصناف الروائح والعطور، وهو الذي يتحكم بحاستي التذوق واللمس، وهو الذي ينظم أفكار الإنسان ويشكل عواطفه ومشاعره.
تعليق